الملح في تونس : ثروة تسيل لعاب الامبرياليين

بقلم الصحفية التونسية آمنة خذيري

تُعدّ تونس من الدول الغنية بالموارد الطبيعية، ومن بين هذه الموارد تبرز ثروة الملح التي تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد الوطني. يتميز الملح التونسي بجودته العالية وتنوع أشكاله واستخداماته، مما يجعله موردًا استراتيجيًا ذا أهمية كبيرة. تتمركز مناطق إنتاج الملح في تونس أساسًا في الجنوب والوسط، حيث توجد الملاحات الكبرى مثل ملاحة "سبيخة" وملاحة "جرجيس". تشتهر هذه المناطق بتوفر الظروف المناخية والجغرافية الملائمة لاستخراج الملح، مثل الحرارة العالية والرطوبة المنخفضة، مما يسهم في تبخير المياه واستخلاص الملح بطرق طبيعية.

يشمل إنتاج الملح في تونس عدة أنواع، من بينها ملح الطعام المستخدم في الطبخ وحفظ الأغذية، والملح الصناعي الذي يُستعمل في الصناعات الكيميائية مثل صناعة الصابون والمطهرات، وملح الطرق الذي يُستخدم لإذابة الجليد على الطرقات في الدول ذات المناخ البارد. تلعب صناعة الملح في تونس دورًا هامًا في توفير فرص العمل للمجتمعات المحلية، خاصة في المناطق الريفية، كما تسهم في تحقيق عائدات مالية من خلال تصدير الملح إلى الأسواق العالمية، وتعتبر فرنسا وإيطاليا وألمانيا من بين أبرز الدول المستوردة للملح التونسي.

رغم الأهمية الاقتصادية لثروة الملح في تونس، تواجه هذه الصناعة بعض التحديات مثل التغيرات المناخية التي قد تؤثر على عملية التبخير الطبيعية واستخراج الملح، والتنافس الدولي مع المنتجين الآخرين الذين يقدمون ملحًا بأسعار تنافسية. لكن توجد أيضًا فرص كبيرة لتعزيز هذه الصناعة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف، وتطوير التسويق الدولي لفتح أسواق جديدة وزيادة الصادرات، والبحث والتطوير لإيجاد استخدامات جديدة للملح في مجالات مختلفة.

مؤخرًا، شهدت مسألة عقود الملح في تونس تطورات جديدة، حيث تم إعادة النظر في العقود القديمة التي تمنح امتيازات استغلال الملح لشركات أجنبية. تم التوجه نحو تحديث هذه العقود لضمان تحقيق استفادة أكبر للدولة التونسية من ثرواتها الطبيعية. هذا التوجه يهدف إلى تعزيز الشفافية وتحقيق عدالة أكبر في توزيع العائدات، وكذلك تشجيع الاستثمار المحلي في هذا القطاع الحيوي. يعتبر هذا التحديث خطوة إيجابية نحو تحسين إدارة الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة.